الخميس، 21 مارس 2013

جمعية للموسيقيين العُمانيين

كتبهامسلم ، في 20 مارس 2012 الساعة: 06:01 ص


جمعية للموسيقيين العُمانيين متى تصبح واقعا ؟
في الوقت الحاضر لا توجد مؤسسة مهنية إدارية حكومية أو جمعية أهلية أو شيء مما يشبه هذه الأطر التنظيمية تجمع الموسيقيين العُمانيينوتنظم نشاطهم محليا وعربيا ودوليا. ومن وجهة نظري أرى أن أي إجراء تنظيمي للموسيقيين على شكل ما من هذه الأشكال الإدارية والمهنية أصبح من الضروريات العملية التي تحتاجها الساحة الثقافية والفنية بحيث تلم شمل الفنانين العُمانيين من مختلف الأعمار والتجارب الموسيقية وتستقطب بشكل خاص الشباب العُماني الموهوب في مجالات العزف والغناء والتلحين والتوزيع والبحث الموسيقي إلى غير ذلك من التطبيقات الموسيقية النظرية والعملية، ومثل هذه المؤسسات لها أهمية اجتماعية كبيرة ويمكن أن يكون لها أنشطة متنوعة حيث تعمل كذلك على زيادة الوعي الموسيقي والثقافي للأعضاء عبر برامج تعليمية وتدريبية وثقافية هادفة.
والموسيقيون العُمانيون من وجهة نظريهم الأكثر عددا ولكن الأقل تنظيما من بين أعضاء جميع المهن الثقافية والفنية والحرفية، فلا يوجد لهم حتى الآن أي نوع من أنواع التجمع الإداري المنظم والشامل لتوجهاتهم وتخصصاتهم الفنية كالعديد من المهن المشابهة التي أصبح لبعضها بسبب هذاالنوع من التجمع نشاطا كبيرا وفعالا على مختلف الأصعدة مثل جمعية الفنون التشكيلية أو هيئة الصناعات الحرفية على سبيل المثال، مما يدل على أن تطبيق أي من هذه التجاربعلى الموسيقيين العُمانيين ستحقق نجاحات كبيرة من وجهة نظري.
في الواقع الحالي!
واقعيا يوجد الموسيقيون العُمانيون في كل ولاية من ولايات السلطنة ومعظمهم من الشباب الموهوب والمبدع في مختلف الفنون الموسيقية التقليدية وغيرالتقليدية، في ذات الوقت يوجد من هو شبه محبط ويرى أن جميع الأبواب منسدّة أمامه بسبب قلة الفعاليات الموسيقية العامة في المناطق والولايات علاوة على أن أبواب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الحكومية وغير الحكومية والثقافية والتجارية لاتزال اهتماماتها بهذا المجال محدود ولا يرقى إلى المستوى المطلوب. والموسيقيين العُمانيين على اختلاف أعمارهم وتوجهاتهم الفنية هم بأمس الحاجة إلى نوع من الرعاية الإدارية والفنية التي تبرز نشاطاتهم وإبداعاتهم. وإذا ما نظرنا إلى الواقع من هذه الناحية فإننا سنجد عدّة مؤسسات وإدارات ذات الصلة بالموسيقى غير أنها جميعا غيرفاعلة على هذا الصعيد لأسباب متنوعة، فمركز عُمان للموسيقى التقليدية ( وهو الأقدمتأسس 1984 ) مختص بجمع وتوثيق الموسيقى التقليدية فقط، ومن الناحية التنظيمية الهيكلية ظل دائرة بوزارة الإعلام ليس له موازنة خاصة به. أما جمعية هواة العود ( تأسست 2008 ) وكما هو واضح فالجمعية مختصة بآلة موسيقية واحدة، وفي وزارة التراث والثقافة توجد دائرة الفنون الشعبية التي لها عدد من الأنشطة وتقيم بعد كل سنتين مهرجان الأغنية العُمانية. ولهذه الموسسات / الدوائر علاقات وأنشطة مع العالم الخارجي العربي والدولي في حدود إمكانياتها واهتماماتها. لذلك نلاحظ أن صلاتها مع الموسيقيين العُمانيين محدودة وفي إطار اختصاصاتها كجمع وتوثيق التراث الموسيقيالعُماني أو استقطاب هواة العود والتدريب على تقنيات العزف عليه، أو إقامة مهرجان الأغنية العُمانية وإيفاد بعض الفنانين للمشاركة في بعض الفعاليات الموسيقية خارج السلطنة.
وتعتبر دار الأوبرا السلطانية المؤسسة الموسيقية العُمانية الأحدث ( 2011) وتتوفر لها إمكانيات كبيرة بالمقارنة مع تلك السابقة الذكر بسبب طبيعة نشاطها ودورها الدولي. وكما هو واضح من نوع فعالياتها لا يمكن أن تستوعب هذه الدار التنوع الموسيقي العُماني إلا إذا حدث تغيير في توجهاتها ومعاييرها الفنية، لهذا ستبقى صلاتها مع الموسيقيين العُمانيين محدود وانتقائي.
التطلعات المستقبلية
في الواقع جاء هذا المقال على إثر حوار جمعني مع المكرم الشيخ أحمد الفلاحي المحترم وبرز فيه أهمية بل وضرورة وجود جمعية للموسيقيين العُمانيين وهم كثر في عُمان، وأصبح فيهم تنوعا واضحا من حيث التخصصات الأكاديمية كالباحثين أو الممارسين( المغنيين والعازفين ) والمعلمين وغير ذلك من التخصصات الموسيقية. كما أن تأسيس جمعية للموسيقيين العُمانيين يأتي أهميتها بشكل أكبر من وجهة نظري بعد الإعلان عن جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب كجهة تضم مختلف الفنانين الموسيقيين وتوجه وتفعل أنشطتهم الموسيقية وتبرز إبداعاتهم ومواهبهم المتنوعة.
والحقيقة فكرة تأسيس جمعية للموسيقيين العُمانيين ليس جديدة وهي قديمة وتشغل بال عدد منالموسيقيين منذ سنوات، ولكنها لا تزال حتى الآن على هذا المستوى من التفكير.
في اعتقادي يمكن تفعيل الفكرة بطرق مختلفة، ولكن لأهمية المجال الموسيقي وعدد المشتغلين فيه وحجم النشاط الذي يمكن أن يبرز إثر تجمعهم، فمن الأهمية أن تقوم الدولة بمسؤولية تأسيس الجمعية المنشودة على غرار جمعية الفنون التشكيلية التي ترعى التشكيليين على تنوعهم مثلا، أو توسيع اختصاصات جمعية هواة العود لتكون جمعية للموسيقيين العُمانيين وليس لهواة العود وحدهم، فرغم أهمية آلة العود إلا أنها تظل آلة من الآلات الموسيقية المستعملة في الموسيقى العُمانية والعناية بها وحدها لايلبي حاجة سوق العمل الموسيقي العُماني من صناعة وتنشيط ثقافي، وترفيهي الذي يعاني من نقص حاد في أعداد العازفين على الآلات الموسيقية عامة والوترية بشكل خاص باستثناء آلة العود الأكثر استعمالا واقتناء، فكل مغن عُماني هو في الواقع عازف لها. من هنا تتضح الحاجة الملحة إلى إيجاد تنوع في العازفين والآلات الموسيقية، وهذا الدور يمكن أن تقوم به جمعية الموسيقيين العُمانيين عبر فتح مجالات التعليم والتدريب على مختلف الآلات الموسيقية، حيث لا يزال الموسيقيون العُمانيون يضطرون حتى الآن إلى الاكتفاء باستعمال آلة الأورج، أو السفر خارج عُمان لتسجيل أعمالهم الموسيقية مما يقلل من جودة العمل الفني من جهة ويزيد من كلفة إنتاجه من جهة أخرى. وهذا الحال لا يتفق مع الواقع الفني واحتياجاته حيث يضطر بسببه أيضا القائمون على المهرجانات الموسيقية إلى تحمل تكاليف جلب الفرق الموسيقية من الخارج لمرافقة المغنيين العُمانيين وغير العُمانيين ومثال على هذا مهرجان الأغنيةالعُمانية.
ومن الناحية الاقتصادية فجمعية للموسيقيين العُمانيين يمكنها تمويل الكثير من أنشطتها ذاتيا بوسائل متنوعة، وقد تكون من أكثر الجمعيات نشاطا وفعالية وحضور في كل محافظات السلطنة.
وفي ختام هذا المقال نعتقد أن وجود جمعية للموسيقيين العُمانيين تحت مظلة الحكومة أمر ضروري للأسباب التي ذكرناها على الأقل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق